مقالات

قراءة في أحداث يوم منسي ( سيدة يعقوب)

رواية التاسع من أغسطس جديرة بالاحتفاء

طرابلس  : ون كليك نيوز

 

ليست لي علاقة بالنقد الروائي ، لكن رواية التاسع من اغسطس لكاتبها د. احمد حسب الله الحاج ،بعد قراءتي لها ،دفعتني لقراءة احداث يوم منسي في دفتر ايام ثورة هي الاخرى شبه منسية في سفر ثورات البلاد (ثورة اللواء الابيض) ،والتي معرفتنا لها ،لا تتعدى بضع سطور خجولة ،خلال خصص التأريخ المدرسية ،(اللهم الا من ساقه الفضول بين هاليز الكتب ،لمعرفة المزيد من تأريخ النضال الوطني ضد المستعمر )، ورغم انها رواية ،الا ان احداثها

صاخبة بحكايات وقصص لابطال، واسماء نخبوية ،تغوص في شخصياتهم ،وافعالهم الوطنية ،وتناقضاتهم ،التي تظهر بجلاء تناقض الشخصية السودانية ، التي يصعب توصيفها ، فرغم حبها للوطن ووطنيتها ، تطل ولاءاتها لتطغى على وطنيتها ، ورغم سماحتها ،وحبها للآخر ، تشم فيها ريحا للعنصرية والاستعلاء العرقي (الواقع المعقد لمجتمعاتنا السودانية ،والذي يتمظهر فيما وصلنا اليه الان) .

 

يعيش السودان يعيش ،يعيش علي عبداللطيف ،يعيش السودان يعيش ،يعيش علي عبداللطيف ، هذه ليست عبارة عادية ،فعندما تصل بقراءتك لها ،يعلو داخلك بالهتاف ، وتحس انك وسط طلبة المدرسة العسكرية ،تهتف معهم ومع العازة محمد عبدالله زوجة البطل علي عبداللطيف ، التي تقودهم بين الشوارع وصولا الى سجن كوبر ،للهتاف بحياة علي عبداللطيف ،المسجون داخله ، وكما قال احمد الحاج : (لاننا لم ننجح ابدا في ان نكون كما ينبغي لنا ان نكون ،لم يشر الى العازة احد على انها كنداكة ،مع انها قادت مظاهرة الحقت الذعر بامبراطورية كاملة) ، كم نحن انتقائيون !! ،حتى في تبجيلنا لرموزنا وابطالنا !!(نبجل من نريد وان كان بطل مسرحية او مسلسل ).

فوق سطور التاسع من اغسطس يترسخ في ذهن من يقرؤها ان نكبة هذي البلاد في نخبتها وصفوتها (الطائفية ،الثقافية ، الجماعات الدينية ) ، وما زالت مع اختلافاتها ،تمارس ذات الافاعيل ،بمنح نفسها الحق بفتح واغلاق الابواب لمن يدخل او يخرج .او البت في امر البلاد ،فرغم ان الرواية احتفاء بما فعلته العازة محمد عبدالله ، الا انه لم يفت على د.احمد الحاج الاشارة الذكية والواضحة الى صراع العرق الانقى (من سيد ،من !) من خلال اعتراض البعض على تولي علي عبداللطيف زمام امور جمعية اللواء الابيض (من هو ليقرر في مصير السودان ؟ ،لا حسب ،لا نسب ،لا اصل ) .

للذكرى ، ان اليوم هو التاسع من اغسطس 2025 ، يصادف مرور ذكرى اكثر من قرن على خروج العازة محمد عبدالله زوجة البطل علي عبداللطيف قائد ثورة اللواء الابيض في مظاهرة تعد الاولى من نوعها ،كون امرأة سودانية تقود مظاهرة ومن ورائها طلبة حربيين .

خلاصة القول ان رواية التاسع من اغسطس1924 من يقرأها سيعيد النظر في مواقف كثيرة ،وسيضيف الى معرفته شيئا جديدا ،ففيها حتى الملهى في تلك الحقبة كان بشكل مختلف ، ففي بيت فوز تغنى الخليل بالشرف الباذخ ،وفيه كانت تدار الاجتماعات المناهضة للمستعمر .فكما قالت هيلاري مانتل : (إن الأدلة دائما جزئية ،والحقائق ليست الحقيقة ،رغم انها جزء منها ،والمعلومات ليست المعرفة ، والتأريخ ليس الماضي).

إنضم الآن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى