
الخرطوم : ون كليك نيوز
سامي دفع الله يكتب ( الوطن يسع الجميع… إلا الشعب )
في السودان ظلّ الساسة دائماً يذهبون بعيداً عن مصالح الشعب ويبحثون عن أهداف لا تشبه أهدافه وكأنما كتب عليهم أن يعيشوا في عالمين متوازيين لا يلتقيان. فبعد حرب ١٥ أبريل الأخيرة أعاد التاريخ نفسه بصورة كاريكاتيرية الساسة غادروا نحو اديس ابابا ونيروبي وكمبالا و جلسوا في الفنادق الوثيرة يوزّعون المؤتمرات الصحفية ويصدرون البيانات *”المُلهمة”* بينما بقي الشعب وحده في الميدان يواجه جرائم وانتهاكات الجنجويد ويشارك في دحرهم ويصمد أمام آلة الخراب. الشعب كما العادة يدفع فاتورة الدم والعرق والدموع بينما الساسة يدفعون فقط *زمن* السفر بدرجة رجال الأعمال اما قيمة التذاكر فمعروف من يدفعها.
سيعيد التاريخ نفسه مرة أخرى بعد أن تنطفئ الحرب ويعود الأمن النسبي سنرى ذات الوجوه تعود إلى الخرطوم. لن يعودوا من أجل الناس ولا من أجل الوطن الذي دُمّر بل من أجل السلطة.
سلطة باردة بمقاعد وثيرة ومرتبات بالدولار وامتيازات سيارات الدفع الرباعي وسكن فاخر محروس. إنهم لا يعرفون من معاناة الشعب غير صور تعرض علي الشاشات ولا من الحرب غير مقابلات مع قنوات أجنبية.
دائماً هم في مكان والشعب في مكان آخر
أهدافهم غير ..
مصالحهم غير ..
توجهاتهم غير ..
الشعب يقاتل ليعيش وهم يتفاوضون ليحكموا
الشعب يريد مستشفى مفتوحاً ومدرسة قائمة وهم يريدون مقعداً وزارياً وكاميرات تنقل مشهد القسم الدستوري.
إنها مأساة متكررة فالشعب السوداني صار كمن يحفر بئراً في الصحراء لينقذ العطشى بينما السياسيون يقيمون حفلاً راقصاً في احد الفنادق الخمسة نجوم وحين يفيض البئر أخيراً بالماء يعودون مدججين بالكؤوس الكريستالية ليشربوا أولاً وليتركوا الشعب مرة أخرى في آخر الصف.
وهكذا يظل المشهد كما هو الشعب يواجه الرصاص والجوع والخراب والساسة يواجهون صعوبة اختيار نوع العطر قبل مقابلة قناة الجزيرة.
الشعب يقف في الصفوف من أجل الخبز والساسة يقفون في الصفوف من أجل التأشيرات. وعندما تهدأ النيران سيعودون بخطاب رنان عن “الوطن الذي يسع الجميع”
*بينما الحقيقة أن الوطن يسع الجميع… إلا الشعب* .