مقالات

حذار من السيناريو اليوغسلافي/عثمان ميرغني

حديث المدينة

الخرطوم  : ون كليك نيوز

 

كتب الأستاذ عثمان ميرغني  : ( حذارِ من السيناريو اليوغسلافي..)

 

 

حساب الزمن في سياق الأزمة السودانية لم يعد بالشهور أو الأيام.. بل بالساعات.. كل ساعة تمضي تصنع واقعاً يحفر في جدران الوطن ثغرة جديدة.. خلال الفترة الماضية كان السودان يعيش السيناريو الليبي.. بعد إعلان حكومة موازية في نيالا.. في منطقة أساساً غابت عنها الحكومة الشرعية قبل سنتين منذ سقوط نيالا في نوفمبر 2023.. لكن سقوط مدينة الفاشر يدشن مرحلة جديدة على النموذج اليوغسلافي.

في النموذج الليبي، انقسمت ليبيا بين سلطتين، بنغازي وطبرق في الشرق، وطرابلس في الغرب، و ظلت الخدمة المدنية واحدة تتلقى مرتبات من البنك المركزي الواحد الذي لم ينقسم بين السلطتين.. وكثير من مؤسسات الدولة موحدة.. وتعمل بصورة طبيعية في القسمين الشرقي والغربي من الدولة..

في السودان، المناطق التي تقع تحت سيطرة قوات التمرد خاصة ولايات دارفور، صارت خارج الدولة رغم محافظة العاملين في الخدمة المدنية على استحقاقاتهم من الحكومة الشرعية..

سيطرة قوات التمرد على الفاشر، تضيف بعداً آخر للأزمة وتجعل السودان يسير بخطى حثيثة نحو النموذج اليوغسلافي..

يوغوسلافيا الاتحادية بعد وفاة زعيمها جوزيف بروز تيتو دخلت في توترات داخلية تعمقت إلى أن أدت لحروب بين أقاليمها شهدت فظائع دموية وتصفيات لعدة آلاف من المواطنين على أساس عرقي.. وفي النهاية تشظت يوغوسلافيا إلى سبع دول جديدة كلها معترف بها دولياً.

صحيح حتى هذه اللحظة لا أحد يرفع صوته بنداء الانفصال.. لكن ذلك لا يعني أن “شيطان التقسيم” لم يولد بعد.. فهو موجود يترعرع تحت كنف هذه الأزمة التي تمر بها بلادنا والحرب الطاحنة التي أنتجتها.

ومع ذلك هناك فرصة لتجنب هذا المصير.. بل فرصة كبيرة.. ولكن بنافذة زمنية محدودة.. لا تتعدى بقية هذا العام 2025.

إذا لم ننجح في إطفاء نار الحرب تماماً.. والوصول إلى بر السلام.. فلن يكون ممكناً تحقيق ذلك في ظل سماء دولة واحدة.. ونحكم على أجيال قادمة أن يكابدوا كسر الوجدان الوطني بالعيش وراء حدود سياسية ما اختاروها.. فرضتها رعونة آبائهم وأجدادهم.

ليس مطروحاً لا داخلياً ولا خارجياً سوى مبادرة الآلية الرباعية.. والأصوات التي تعارضها لا تقدم بديلاً.. بل تستعصم بـ”لا” مستديمة مرفوعة في وجه أي جهد لإنهاء الحرب.. دون بديل..

الرباعية طرحت على الطاولة خارطة طريق مرنة.. قابلة للأخذ والرد لكن رفضها من حيث المبدأ هو عين الخطل.. ونصيحتي للحكومة أن تنخرط بصورة إيجابية وتستثمر في أضلاعها الأربعة، أمريكا ومصر والسعودية والإمارات دول مؤثرة ذات ثقل دولي.. تستطيع أن تدعم السودان ليس في تخطي نفق الحرب فحسب.. بل وفي مرحلة بناء الدولة بعد ذلك  .

 

 

 

 

 

 

 

إنضم الآن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى