مقالات

زيارة البرهان : مصر: والخطوط الحمراء

الخرطوم  : ون كليك نيوز

 

 

 

كتب الأستاذ عثمان ميرغني تحت عنوان  : ( مصر.. والخطوط الحمراء.)

 

رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان زار مصر 6 مرات خلال هذا العام 2025.. من مجمل 9 زيارات من بداية الحرب في 15 أبريل 2023.

ورغم توالي الزيارات خاصة هذا العام، إلا أن زيارته الأخيرة قبل يومين، الخميس 18 ديسمبر 2025، كانت الأكثر إثارة لردود الأفعال.

لم تكن الزيارة لافتة للانتباه لولا بيان رئاسة الجمهورية المصرية الذي -هذه المرة- حمل لغة إنذار وتحذير شديدة اللهجة.

أعلن البيان بلسان واضح مباشر أن هناك “خطوطاً حمراء” يفرضها الارتباط العضوي المباشر للأمن القومي المصري مع السودان. قال البيان: (وتؤكد جمهورية مصر العربية أن هناك خطوطاً حمراء لا يمكن السماح بتجاوزها أو التهاون بشأنها باعتبار أن ذلك يمس مباشرة الأمن القومي المصري، الذي يرتبط ارتباطاً مباشراً بالأمن القومي السوداني).

ولا أحد يستغرب وجود هذه الخطوط بين بلدين يتأثران ببعضهما، لكن الضجة جاءت من توقيت إشهار هذه “البطاقة الحمراء”.

وحددت مصر بوضوح أهم هذه الخطوط الحمراء، قال البيان:

(وتؤكد مصر على أن الحفاظ على وحدة السودان وسلامة أراضيه وعدم العبث بمقدراته ومقدرات الشعب السوداني هي أحد أهم هذه الخطوط الحمراء، بما في ذلك عدم السماح بانفصال أي جزء من أراضي السودان. وتجدد مصر في ذات السياق رفضها القاطع لإنشاء أية كيانات موازية أو الاعتراف بها باعتبار أن ذلك يمس وحدة السودان وسلامة أراضيه.)

ثم أضاف البيان خطاً أحمر آخر:

(وتشدد مصر على أن الحفاظ على مؤسسات الدولة السودانية ومنع المساس بهذه المؤسسات هو خط أحمر آخر لمصر..)

وأخيراً التحذير والإنذار:

(وتؤكد مصر على حقها الكامل في اتخاذ كافة التدابير والإجراءات اللازمة التي يكفلها القانون الدولي واتفاقية الدفاع المشترك بين البلدين الشقيقين لضمان عدم المساس بهذه الخطوط الحمراء أو تجاوزها.).

ردود الأفعال حركتها أسئلة مهمة.. أولها: لماذا هذا التوقيت تحديداً؟ بعد حدثين مهمين: الأول طلب ولي العهد الأمير محمد بن سلمان من الرئيس ترامب رعاية ملف السلام في السودان بصورة مباشرة شخصية من أعلى هرم الدولة الأمريكية.. ثم زيارة البرهان إلى الرياض في إطار يبدو تابعاً لطلب الأمير. وأخيراً إلحاق كل ذلك بزيارة لم يُعلن عنها مسبقاً، إلى القاهرة ولقاء مهم بين الرئيس السيسي والبرهان.

من الحكمة طرح أسئلة ذات دلالات حيوية.

لماذا لم يصدر بيان مماثل من مجلس السيادة السوداني؟

البيان المصري تحدث بلسان جانب واحد.. لم يصدر بيان مشترك بتوقيع الجانبين، واكتفى الجانب السوداني بتغريدة الرئيس البرهان (شكرا مصر.. سكرا الرئيس السيسي).

عدم صدور بيان سوداني واكتفاء الجانب السوداني بتعبير عن الشكر قد يعني أن الترتيب كله اما كان من جانب واحد، مصر. أو أن الترتيب جاء بناءً على طلب سوداني استجابت له مصر -مثل طلب ولي العهد السعودي واستجابة ترامب له-. وكل من هذين الاحتمالين يفتح مساراً مختلفاً في التأويلات.

في حال أن مصر كانت مبادرة بدعوة الزيارة، هنا يصبح التلويح بالخطوط الحمراء جاء نتيجة استشعار مصر تطورات خطيرة تستلزم إشهار البطاقة الحمراء.

أما إذا كان طلب الزيارة من السودان، فهنا يتبدل الموقف إلى الأخطر.. فيعني أن تطورات داخلية سودانية جعلت البرهان يستشعر الحاجة الماسة لاستدعاء التحذير المصري.

من قراءة المشهد العام، تبدو مصر هي المبادرة بدعوة الزيارة، ويكاد يكون البيان جاهزاً قبلها.. بعبارة أخرى أن مصر لم تلوح بالبطاقة الحمراء إلا بعد أن استكملت خطتها للتعامل مع الموقف في السودان.. وبطبيعة دولة مؤسسات عريقة مثل مصر، لا تقدم على إشهار خطوة تصعيدية إلا بعد أن تنضج مطلوبات الفعل المبني على هذا البيان.

فما هي الدواعي التي أوجبت التحذير والإنذار المصري؟

وما السيناريو المتوقع حال تطلب الأمر إنفاذه؟

 

 

 

 

 

 

 

 

 

إنضم الآن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى