مقالات

غياب الدستورية في السودان (نتائج مركز بحثي )

درجة عالية من الوعي الدستوري كشفها البحث

 

Oneclicknews.net  : الخرطوم

 

يشهد السودان منذ فترة طويلة غيابًا للمحكمة الدستورية،وهى الجهة العليا المسؤولة عن الرقابة على دستورية القوانين وحماية الحقوق والحريات العامة وضمان سيادة حكم القانون. ويأتي هذا الغياب في ظل ظروف سياسية وقانونية معقدة، مما أثار جدلًا واسعًا حول أسباب تأخر تشكيل المحكمة، وانعكاسات ذلك على مسار العدالة واستقرار الدولة، ومدى التزام الأطراف المعنية – بما في ذلك الحكومة والسلطة القضائية – بواجباتها الدستورية.

هدف الاستطلاع،الذي اجراه مركز الخبراء العرب للخدمات الصحفية ودراسات الرأي العام، إلى رصد آراء المواطنين والنخب القانونية والسياسية حول أسباب تأخير تشكيل المحكمة الدستورية وتأثير غيابها على حماية الحقوق والحريات العامة. فضلا عن تقييم دور الجهات المعنية في هذا الملف. وتقديم صورة دقيقة لصانعي القرار والمهتمين بالشأن العام، وتساعد على دعم مسار العدالة وسيادة القانون في السودان… شارك في الاستطلاع الذي مفتوحاً على الانترنت لمدة 5 ايام عدد 61.249 مشاركاً من مختلف الأطراف والفئات من داخل وخارج السودان منهم أطياف وأشخاص من العاملين فى حقل العدالة بمختلف مجالاته كانت أبرز اجابتهم على النحو التالي

 

1/عند سؤال المشاركين عن معرفتهم بدور المحكمة الدستورية، أظهر 59.3% أنهم يعرفون دورها بشكل جيد، بينما اكتفى 37.4% ببعض التفاصيل، في حين لا يعرف 4.3% عنها شيئًا. هذه الفجوة في الثقافة الدستورية تزيد من خطورة الموقف، بأهمية هذه المؤسسة لدى الرأي العام.

 

2/ورغم ذلك، أكد 94.5% من المشاركين أن وجود المحكمة الدستورية ضروري لضمان العدالة وسيادة القانون، فيما قلل 5.5% من أهميتها، وهو ما يعكس أن مطلب المحكمة بات أقرب إلى مطلب وجودي لا ترفًا قانونيًا، وأن الشعب يدرك أن غيابها يعني غياب العدالة في أي نزاع أو خلاف.

 

3/أما عن أسباب التأخير، فقد كشف المشاركون عند اعطائهم مساحة اختيار أكثر من خيار واحد لتحديد أشارت نسبة 71.9% أن الحكومة ببساطة “لا تعطي الأولوية لتشكيلها”، بينما حمل 58.4% الخلافات بين القوى السياسية المسؤولية، و9% أشاروا إلى نقص الكفاءات أو صعوبة اختيار القضاة، و14.6% نسبوا التأخير لأسباب أخرى. هذه النسب تكشف أن الأزمة سياسية بالدرجة الأولى، وأن العديد من أطراف الدولة قد تفضل بقاء الوضع الراهن لتفادي رقابة المحكمة على قراراتها.

 

4/وعند التعمق أكثر، اعتبر 71.9% أن التأخير مقصود لتفادي الطعون في القرارات الحكومية ، في حين نفى 14.6% ذلك، و13.5% لم يحددوا موقفهم، وهو ما يعزز الانطباع الشعبي بأن غياب المحكمة سياسة مقصودة أكثر منه عجزًا إداريًا.

 

5/ ولدى قياس أثر غياب المحكمة على الحقوق والحريات، أشار 87.8% إلى أن الأثر “كبير”، مقابل 6.7% وصفوه بـ”المتوسط”، و1.1% اعتبروه “ضعيفًا”، و3.3% قالوا “لا أثر”، و1.1% لا يعلمون. هذه النسب المرتفعة تكشف شعورًا عامًا بأن العدالة قد تصبح جسدًا بلا قلب،وأن أي نظام حكم بلا رقابة دستورية يفتح أبواب التجاوزات

.

6/وفي المقابل، رأى 77.8% أن تشكيل المحكمة سيساهم “بشكل كبير” في حماية الحقوق من أي تغوّل، و12.2% قالوا “إلى حد ما”، بينما نفى 8.9% وجود تأثير، و1.1% لم يحسموا موقفهم، ما يعكس أن غالبية الناس تراها خط من خطوط الدفاع الأولى، فيما تحتفظ أقلية بشكوك حول قدرتها إذا لم تُمنح استقلالًا فعليًا.

7/وحين طُرح سؤال حول أثر التأخير على ثقة المواطنين في القضاء الوطني، قال 71.4% إن ثقتهم تضررت، بينما 24.2% لا يرون علاقة، و4.4% لم يحددوا موقفهم، ما يبرز أن استمرار هذا الوضع قد يدفع بعض المواطنين نحو العدالة الشعبية أو طلب التحكيم الدولي.

 

8/كما أشار 68.1% إلى أن التأخير متعمد لأسباب سياسية، مقابل 18.7% يرونه فنيًا أو قانونيًا، و13.2% لا يعلمون، في دلالة على أن الشارع يرى التأجيل أداة سياسية لا مجرد نتيجة تعقيدات إجرائية.

9/وفيما يتعلق بقوة المحكمة المرتقبة، أيد 81.1% أن تكون أحكامها ملزمة ونافذة فوق أحكام الوثيقة الدستورية الحالية، مقابل 12.2% رفضوا ذلك، و6.7% لم يحسموا موقفهم، في إشارة إلى رغبة شعبية في إنشاء محكمة قوية ومستقلة حتى لو اصطدمت بالترتيبات القائمة.

 

10/وفي تقييم دور السلطة القضائية، اعتبر 41.3% أن هناك “تقصيرًا واضحًا” منها لعدم الضغط من أجل تشكيل المحكمة، فيما رأى 34.8% أن المسؤولية مشتركة بينها وبين القوى السياسية، و17.4% برؤوا القضاء، و6.5% لم يحددوا موقفهم، وهو ما يعكس أزمة ثقة متبادلة تجاه كل الأطراف المعنية.

 

11/ وعند محاولة تحديد المسؤول عن التأخير، حمّل 45.1% المسؤولية “لكل الأطراف مجتمعة”، بينما رأى 41.8% أن “السلطة الحالية” هي السبب الأساسي، وألقى 7.7% باللوم على القوى السياسية المعارضة، و5.5% على المؤسسات العدلية، ما يعكس قناعة بأن الأزمة نتيجة تاخير وتباطوء جماعي.

 

12/ولم يكن غياب المحكمة بلا أثر على الأمن القضائي، إذ أكد 79.1% أنه ساهم في إفلات متهمين بجرائم خطيرة، بما فيها القتل العمد، من المحاسبة أو تسبب في تأخير العدالة، مقابل 11% قالوا “جزئيًا”، و4.4% نفوا التأثير، و5.5% لم يحددوا رأيهم، وهو ما يعمّق شعور الشارع بالظلم ويفتح الباب أمام نزاعات وانتقامات خارج القانون.

 

13/ أما عن التوقعات المستقبلية، فقد عبّر 46.7% عن اعتقادهم أن المحكمة “لن تتشكل في المدى القريب”، بينما توقع 27.8% تشكيلها خلال عام، وأبدى 25.6% فقط أملًا في تشكيلها خلال ثلاثة أشهر، وهو ما يعكس تشاؤمًا عامًا مرتبطًا بعدم وجود إرادة سياسية واضحة.

 

14/ وفي الختام، عبّر المشاركون عن إحساس متزايد بأن غياب المحكمة الدستورية لا يمثل فقط ثغرة قانونية، بل انهيارًا جزئيًا لمنظومة العدالة، وأن استمرار التأجيل سيؤدي إلى فقدان ما تبقى من الثقة بالقانون والدولة، وقد يدفع السودان إلى مزيد من الاضطراب إن لم تتم معالجة الأمر بشكل عاجل وحاسم.

إنضم الآن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى